سم الله الرحمن الرحيم
الحمد الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً، وهو الذي جعل الليل لباساً، والنوم سباتاً، وجعل النهار نشوراً، أحمده سبحانه حمداً طيباً مباركاً كثيراً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام. أما بعد:
فإن أوقاتنا وأعمارنا،إما أن نكتب بها من الفائزين أو من الخاسرين،ولذلك أقسم الله تعالى بالفجر والضحى والصبح والعصر والليل حتى نعلم قيمتها ولا نعمل فيها إلا خيرًا، فهذا العمر إن زرعت فيه خير وعملٍ صالح جنيت السعادة والفلاح وكنت من الذين يُنادى عليهم في الدار الآخرة {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)} [الحاقة : 24]، وإن ضيعّته بالغفلات وزرعته بالمعاصي والمخالفات، يقال لك:
{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ }- أي ألم نجعل لكم عمرًا { مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)} [فاطر : 37].
أوقاتنا نحاسب عليها فلنغتنمها
أخي المسلم: لا تحسب أن أوقاتنا تذهب هدراً بعد انقضائها لا حساب ولا عقاب، فقد صَحّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمُرِه فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به» [أخرجه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب [126].
عبد الله «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك.
هدف المسلم في الحياة أن يعبد الله الذي خلقه، وأن يغتنم حياته ووقته في الأعمال الصالحة، وبمصطلح تجاري أدق أن يجمع أكبر قدر ممكن من الحسنات في هذه الحياة قبل حلول الأجل، لينال رحمة الله ورضوانه، ولترتفع درجته في جنات النعيم.
مشكـلــــة كـــــــــبرى
المشكلة الكبرى التي تواجهنا هي أن حياتنا محدودةٌ بسنواتٍ وأيام، بل بثوان ولحظات لا نستطيع أن نزيد فيها لحظة واحدة، فعمرنا قصير مقارنة بأعمار الأمم السابقة التي كانت تعمر مئات السنين، أما هذه الأمة فأعمارها كما قال نبيها صلى الله عليه وسلم : «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذلِكَ»[حديث حسن رواه الترمذي].
أخي: لم يبق أمامك إلا أن تبحث عن أعمال صالحة مشروعة تُطيل بها عمرك، وتضاعف بها من حسناتك في هذا العمر القصير الذي ضاع أكثره في الأمور الدنيوية.
هــل العـمر يطــول فــــعلاً
جاء ذكر ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:«صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي لْعُمُرِ» [صحيح الجامع]وقد اختلفت آراء العلماء حول مفهوم إطالة العمر:
فمنهم من يري أن هذه الإطالة حقيقية بالسنين والأيام ومنهم من يقول وهو الراجح هي البركة في عمره والتوفيق للطاعات،والبعد عن المعاصي والسيئات، والعمل في الزمن القصير ما لا يعمله غيره إلا في الزمن الكثير.
أعمــال تُطيـــل في العـــــمر
أخي المسلم:في هذه اللحظات سنقف أنا وأنت مع أعمال من خلالها يمكن أن تزيد في عمرك وحسناتك.
أولاً: أن تحتسب الأجر في كل قول وعمل تقوم به: في نومك وأكلك وشربك وعملك ونفقتك على أهلك، يقول صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص ا: «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تضعه في فيّ امرأتك» [أخرجه البخاري]
ثانياً: صلة الرحم: فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى